أيها الثوار ... اتلمّوا!


بصوا بقى ... وبالعامية كده عشان أطلع اللي في قلبي ... ماهو أنا مقدرش أسكت أكتر من كده! الثورة راحت فين؟ حد شافها؟ والميدان عامل كده ليه؟ إيه اللي جرى؟ أنا هتجنن!

قريت خبر حلو أوي، قال في شيخ الله يسامحه اتسأل إيه هي الليبرالية، قام قايل "إن أمك تقلع الحجاب"! يا خبر أسود ومهبب! ومصر يامّا بهية يا أم طرحة وجلابية هتبقى أم جلابية بس؟! ده إيه الفِكر الليبرالي المهبب ده؟ أنا أسمع إن الليبرالية دي منتشرة في مناطق كتير وتلتربعها ماشاء الله لسه فيه طرح وجلاليب! يبقى الشيخ ده يا إما كان بيكذب، يا إما كان بيفتي من غير علم، وفي الحالتين تبقى وقعته سوده لأنه شيخ، والشيخ المفروض يكون إيه ... حدوة لينا!

وبعدين يا سيدي، دخلت أنا على مجموعة "الكتلة المصرية" إكمنها هي اللي هتنافس "التحالف الديمقراطي" بتاع الإخوان، قُلت أشوف البرنامج بتاعهم. لقيت منشورات كويسة قليلة أوي، لكن تلتربع المنشورات عبارة عن صويت وعويل أو تريقة على الإسلاميين، وإني ألاقي برنامج محترم كده ... مفيش! واحد يقولك الحقونا الإخوان هياكلونا وهنبقى زي إيران وأفغانستان وهاتك يا صويت! وواحد تاني يحط نكتة يتريق على الإسلاميين وهاتك يا ضحك، وواحد تالت يطلع يحط اقتراح عشان الكتلة المصرية، اللي المفروض قلبها على مدنية الدولة، تستخدم المسيحيين وتجيبهم يصوّتوا من الكنايس بالأتوبيسات زي أيام الاستفتاء –مدنية مدنية يعني!

وكل ده ليه، عشان نرد ع الإخوان اللي بيستخدموا المسلمين المتدينين! برافو ... لا فعلاً برافو ... تعرف كده أحسن! وأهو إكمن في طرف بيتغابى، يقوم الطرف التاني يتغابى هو كمان، ونبقى قلبناها من لجان انتخابية لمستشفى المجانين!

وأرجع وأقول، مش كل الليبراليين واليساريين بالعقلية دي، أكيد فيهم ناس كويسة والهِبل دول قلة مندسة!

وبعدين يا سيدي، جه الدكتور عمرو حمزاوي وأفصح عن حبه للفنانة بسمة، ويا ريته ما أفصح! قاموا شوية إسلاميين نازلينله بتعليقات بقى من اللي هي، "انت هتعملنا فيها رومانسي" "ايه يا عم روميو"، وبدل ما ياخدوا منه شوية رومانسية ولا يحترموه على الأقل إنه مسمحش لحد يتكلم على الإنسانة اللي اختار يرتبط بيها، هاتك يا تريقة ... طب عليا النعمة كل الرجالة اللي اتريقوا عليه معقدة ... عقاااااد ... كلاكيعو ... ما هو لو واحد فيهم كان عنده ذرة رومانسية وإنسانية كان ساب الراجل في حاله وحس بيه ... لكن مادام مفيش حاجة بتزن في ودنك غير "إن الليبرالية هتقلع أمك الحجاب" يبقى هتشوف عمرو حمزاوي إيه ... قرد طبعاً! مش فاهمة مالكوا بالجدع ... شعره، حظاظته، مراته ... متقلعوه الشراب بالمرة!

وبعدين يا سيدي، جه واحد من اللي خايفين من الإخوان لحسن يعضوه، اقترح إنه الكتلة المصرية في الانتخابات تقول للناس، إنها ملتزمة بالهوية العربية الإسلامية –زي ما يكون موضوع الهوية أوبشن أصلا- وبمرجعية إسلامية للدولة، بتقولوا إيه يا ولاد ... مرجعية إسلامية؟! طب بالصلاة ع النبي ... مش هما دول كده بقوا قريبين من التحالف الديمقراطي، إيه بقى ... ها ... إيه؟! ما هو يا إما انتوا هتستعبطوا ع الناخب وهتستخفوا بالشعب وساعتها يومكوا هيبقى مطين بطين ... يا إما هي دي أجندتكوا فعلاً وساعتها الشعب هيجيلوا شيزوفرينيا لأنه مش هيبقى عارف إيه الفرق ما بينكوا وما بين التحالف الديمقراطي!

وبعدين يا سيدي، طلع واحد إسلامي وقال إنه عايز شواطئ من غير بكيني، زي ما يكون البكيني هو اللي كان جايب مصر ورا! وبغض النظر هو اللي اتسحب من لسانه ولا جرنان شهير كلنا عارفينه هوه اللي جرجره في الكلام عشان يخوّف الجماعة بتوع البكيني، لكن واضح جداً، إن في مشكلتين عند أغلب الإسلاميين. أولاً، موضوع إن نفس الجرنان بقاله كتير بيجرجرهم في الكلام وهما بيقعوا زي الجردل كل مرة! طب إزاي أثق في واحد جردل يحكمني وانتوا عارفين المرحلة اللي جاية محتاجة واحد حويط أوي! المشكلة التانية هي مشكلة "يا أنا يا المايوه"، وهي إن بعض الإسلاميين اللي كانوا قبل الثورة بيكفروا الخروج على الحاكم، دلوقتي معتبرين مشكلة الأمة هي المايوه!

وبرضه أرجع وأقول مش كل الإسلاميين كده، فيهم ناس كويسين، وأكيد الهِبل دول قلة مندسة!

طب أنا عايزة أفهم إيه اللي جرى بقى ... يعني فين الثورة دلوقتي ... يعني في الأول، من يوم 25 لحد 11 فبراير، كله كان قلبه ع الثورة، دلوقتي اتقسمنا نصين، نص خايف ع الإسلام، ونُص خايف على مدنية الدولة، نص خايف ع الحجاب، ونص خايف ع المايوه!

وأمة لا إله إلا الله عارفة إن محدش يقدر يهوّب جمب الإسلام، ومحدش يقدر يزغزغ مدنية الدولة ولا يقولها بخ حتى! إنما بقى في ناس من ساعة التنحي وهي نازلة زن في وداننا عشان نشكك في بعض، بدل ما بقينا نخاف ع الثورة وكنا ايد واحدة تهز الدنيا. طب تصدقوا وتآمنوا بالله، اللي يخاف ع الإسلام ده يبقى حاجة من الاتنين: يا أهبل يا بيستهبل. إسلام إيه ده يا عم الحاج اللي خايف عليه، ده لو كوكب الأرض كله اتلم على بعضه عشان يزحزحه بس اتنين سنتي، الكوكب كله هيجيله بواسير والإسلام هيفضل زي ما هو! والعِبط اللي خايفين ع المدنية دول نحب نقول لحضراتكوا مفاجأة من العيار الثقيل ... الإسلام أساساً أساساً معندوش أوبشن غير المدنية، ولو واحد إسلامي قال غير كده ... ندب صوابعنا في عينيه ... وابقوا اقروا تاريخ إسلامي –والكلام للإسلاميين قبل غيرهم عشان واضح إن في منهم مش قاريه كويس!

طب إيه بقى ... إيه؟ ما تتلموا على بعض وتشوفوا الثورة اللي وقفت فجأة دي زي ما تكون وصلت وهي لسه السكة قدامها طويلة ... انت يا عم الإسلامي ... خوفك ع الثورة ونجاحها هو اللي هيجيبلك العدل والحرية اللي عجلة الإسلام بتمشي بيهم، يا إما يبقى عندك نظام مستبد، زي بتاع العلمانيين في تركيا زمان، يطلع عين المسلمين، أو بتاع الإسلاميين في إيران انهاردة، يكره الناس في الإسلام ذات نفسه ... يرضيكوا نبقى زي تركيا ونقعد نتبهدل في المحاكم عشان ندخل المحجبات الجامعة ... ولا نبقى زي إيران حيث الستات كلهم مفروض عليهم يلبسوا يونيفورم زي ما يكونوا في كي جي تو؟ متقوليش هتفرق ... في الحالتين هتبقى الثورة راحت على مفيش وهنبقى غيّرنا بس اللي ماسكين العصاية، من مبارك، لواحد بدقن أو واحد بحظاظة! إحنا أساساً عملنا الثورة عشان كل واحد يتنفس براحته ويفرد رجله كده من غير ما حد يضايقه ... اللي عايزة تبقى مذيعة محجبة تبقى مذيعة، اللي عايزة تنزل تبلبط بالمايوه في الساحل تبلبط، واللي عايز يدلدل بنطلونه يدلدله، واللي عايز يشده لفوق زي فؤاد المهندس يشده!

الإسلام والمدنية والحجاب والمايوه دي كلها حاجات مش محتاجة يتخاف عليها، لكن محتاجين نخاف ع الثورة ... أوي أوي ... لأن دي بجد اللي يتخاف عليها ... وهي اللي هتحمي الإسلام والمدنية والحجاب والمايوه!

أما بقى إذا في إسلاميين فاكرين إن هما الشارع والشعب والهجص ده وبيضبطوا نفسهم مع المجلس العسكري، يبقى نسيوا الشلوت اللي أخدوه في 1954، وإذا كان في ليبراليين ويساريين فاكرين إنهم لما يدوا المجلس عرض أحسن ولا ياخدوا فلوس من بره هيعرفوا يأمنوا نفسيهم، يبقوا برضه نسيوا إن الشلوت اللي الإسلاميين أخدوه في 1954، كان في قبله وبعده شلاليت لليبراليين ويساريين، ده غير إن شكلهم بالدعم الأجنبي هيبقى زي الزفت.

لو فاكرين إن الثورة تورتة هتقسموها على بعض ... ابقوا قابلوني لو حد فيكوا خد لحسة! ولو فاكرين إن الشعب بيجي بالشعارات الإسلامية ولا بالتخويف من شبح إيران، تبقوا لبستوا في أفشل حملة انتخابية في تاريخك يا مصر ... الشعب عايز أساسيات ومبادئ ... والناس اللي فاكرة إن مليونية 29 يوليو دي كانت "حاشدة" وتثبت إن الإسلاميين همّا الشارع، وتأكد مخاوف الليبراليين واليساريين، أحب أقولهم ... إن الموضوع مش موضوع حشد وأتوبيسات ... إحنا لو عملنا مليونية للحشاشين ممكن نجيب 20 مليون! الموضوع موضوع كتلة عندها إرادة وقدرة ومشروع تلم بيه مصر كلها ... وركزوا على كلمة "كلها" دي!

يبقى الحل إيه ... نتلم ونقعد مع بعض عشان الثورة لو منجحتش مصر هترجع أسوأ من الأول عشان اللي هيمسكها بقى هيبقى واخد باله أوي إن محدش يعمل مليونيات تاني ولا مئويات حتى! وكلنا، سواء يمين أو شمال، فوق أو تحت، هنروح ورا الشمس، وساعتها هنبقى السبب إن "ثورة 25 يناير" تتسجل في التاريخ إنها "مظاهرات 25 يناير" أو "أحداث 25 يناير" ... اتلموا ... اتلموا على بعضيكوا ... عشان في ناس كتيرة عندها أمل ... وعندها الضغط كمان!

اللهم بلغت ... اللهم فاشهد

كم أتمنى

نشرته جريدة الشروق في مساهمات القرّاء الاثنين الموافق 05.09.2011


كم أتمنى لو نعود سبعة أشهر إلى الوراء، في هذه اللحظة تماماً، ليلة السادس والعشرين من يناير، حين بدأت قلوب الجميع تدرك الثورة التي اشتعلت في التحرير بعد أول أيامها، وصارت تلك الصورة متداولة في كل مكان



كم أتمنى لو أن مبارك لم يتنحى، وأن الأيام الثمانية عشر التي قضيناها في التحرير، ومع التحرير، وبالتحرير، وإلى التحرير، ومن التحرير، وعن التحرير، وللتحرير، دامت للأبد

كم أتمنى لو كان بإمكاننا أن نوقف التاريخ عند الساعة السادسة مساء الجمعة الحادي عشر من فبراير، لتظل تلك الفرحة للأبد



كم أتمنى لو أننا قتلنا كل منافق وسياسي قذر قبل أن نخرج للميادين

كم أتمنى لو أن شباب الإخوان قد ذبحوا قياداتهم، وشباب السلفيين قد دفنوا شيوخهم، وشباب اليسار والليبراليين قد حرقوا أحزابهم ونخبهم، قبل أن ينزلوا إلى الميدان

كم أتمنى لو أننا وقفنا ضد استفتاء لم يفعل سوى خلخلة اللُحمة الثورية التي ولدت في الميادين بدلاً من أن نصوِّت بنعم أو لا

كم أتمنى لو ظلت الصورة كما كانت ... مليئة بالشباب النقي بطموحاته والغني بخلافاته ... وخالية من العواجيز الملوثين بالنفاق وحب الشقاق

كم أتمنى لو أننا لم نترك التحرير كعكة لتلك الحفنة من الكُهَّل تنهش فيه بعد أن زيّناه بدمائنا وعرقنا ودموعنا

كم أتمنى لو نعود إلى الميدان، لنستعيد ثورتنا التي تُسحَب منا وتنقشع روحها لحظة بلحظة، فإما أن يكتمل النصر، أو ننال الشهادة جميعاً فنرتاح من وجع العيش بقلب يعتصر لثورة صارت كعكة

كم أتمنى لو نستطيع أن نلتف مجدداً، بدون إذن المرشد وإعلان الأحزاب مشاركتها ومباركة الشيخ وتأييد فلان وعلان، كما فعلنا يوم الخامس والعشرين، حين كان النداء الوحيد المسموع والملبَّى هو نداء الحق، والبطل الوحيد هو الإنسان

كم أتمنى حقاً لو نستطيع فعلها مجدداً ... حينها فقط سيعود التحرير كما كان ... ميدان وثورة ... لا كعكة

كم أتمنى